WEBREVIEW

في بنـاء الهويـات أرخنـة الأسطورة المدججـة

إن الجيش الإسرائيلي هو خير مفسر للتوراة « بن غوريون »
عرفت قطاعات واسعة من الفكر السياسي العربي في العقد الأخير ميلا قويا نحو ابتداع توجهات ومفاهيم وصور وأوصاف غير معهودة فيما يخص الصراع العربي الصهيوني و تبنيها و استخدامها على نطاقات متصاعدة الاتساع و التأثير و بما مس الآداب« العلمية » و السياسية و الصحفية و غيرها بحيث مثل علامة على تحول حاد في الفكر العربي. و ليس بخاف أن ذلك تزامن مع انطلاق محاولة تسوية ذلك الصراع سياسيا بشقيها العلني و المخفي. و قد كان أبرز ما اختلفت فيه تلك العملية عن سابقاتها أنها تمكنت من موطئ قدم داخل بعض قطاعات حركة التحرير الوطني الفلسطيني. ولقد كان من نتائج ذلك أن بات ما كان يعد من « بديهيات » التحليل السياسي لمفردات الصراع محل أخذ ورد ومناقشات عدت من قبيل التراجعات عند البعض و من قبيل تجاوز البالي عند البعض الآخر.

كانت تلك التحولات على علاقة عضوية بالإجابة عن جملة من الأسئلة تتمحور كلها حول هوية الكيان الصهيوني وهو السؤال الذي تتوقف على أساسه مناظير الصراع القائم بين حركة التحرير الوطني الفلسطيني وبين ذلك الكيان سواء أعدت تلك الحركة من مكونات حركة عربية أشمل أم مخصوصة بفلسطين، وهو ما لا يمنع أن تكون لها علاقات بمحيطها القومي العربي تختلف درجة متانتها بين منظور وآخر. و قد تجلت تلك التحولات في ما يهم ما نحاول بلورته هنا في استخدام غير مسبوق لمفاهيم المجتمع والدولة و الشعب للإشارة إلى الكيان المذكور.
وبصرف النظر عن الجانب السياسي الذي يبرر تلك التحولات أو على العكس من ذلك يحجب الشرعية عنها، فإن إشكالية حقيقية تقوم هنا عند محاولة الإجابة عن ذلك السؤال, وهي إشكالية مفاهيمية ذات وقع نظري عميق و ذات تبعات سياسية خطيرة , وهو ما تتطرق إلى بعض جوانبه هذه الورقة من منظور علم اجتماع الهوية والآخرية الذي كنا بدأنا بعد باستكشاف بعض أبعاده في غير هذا الموضع(1).
ينطلق ما هو مقترح أدناه مما كانت وقف عليه اجتهادنا السابق المشار إليه من أن الهويات نتاج للحركات الاجتماعية التي تخوضها الجماعات البشرية جامعة فيها الصفة المطلبية الاحتجاجية إلى الصفة التاريخية في سياق سعيها إلى رسم مصيرها عبر التحكم في التغير الاجتماعي وتوجيهه إلى ما يحقق استراتيجياتها أولا(2) ،وأن ذلك يتوقف من بين ما يتوقف عليه على استجماع مقدرات مادية ورمزية تساعد على توفير ما يصلح لبناء تلك الهوية في خضم صراع رسم خطوط التباين بين الهويات المتكافحة ثانيا(3) , وأن إطار ذلك الاجتماعي والتاريخي المخصوص ييسر على أحد طرفي الصراع ويعسر على الثاني استغلال ما قد يتوافر من منعرجات هي في ما نحن بصدده الحروب الاستعمارية و حركات التوسع الإمبريالي ثالثا(4).ولئن كانت الأمثلة التي اعتمدنا في ما أشير إليه تندرج فيما يمكن اعتباره حركات بنائية بمعنى تحرريها وخدمتها مشاريع الهويات الوطنية و القومية الناهضة فإن ما نعتمده لاحقا يندرج في صنف ما نعتبره حركات سلبية بمعنى استعماريتها أي مكافحتها لبناء الهويات القومية و الوطنية .


Document joint


 
| info visites 9150831

Suivre la vie du site fr  Suivre la vie du site Sciences sociales et humaines  Suivre la vie du site مجلة العلوم الإنسانية  Suivre la vie du site Numéro 04   ?

Creative Commons License